..

البيمارستان النوري

   يعتبر مبنى بيمارستان نور الدين والذي يشغله حالياً متحف الطب والعلوم عند العرب من أهم المباني الأثرية العلمية في العاصمة السورية، حيث يقع في قلب مدينة دمشق القديمة في الشارع المسمى باسمه بمنطقة الحريقة، وهو على مسافة غير بعيدة من الجامع الأموي.

وقد كان بناء البيمارستان فاتحة أعمال السلطان نور الدين زنكي
 ومن أعظم مأثره في المنشآت المدنية التي زخر بها عهده في دمشق،  وقد بناه ليكون مستشفى في القرن الثاني عشر بمال فدية قدرها ثلاثمائة ألف دينار دفعها أحد الملوك الإفرنج وكان أسيراً لديه ثم تحول في العهد العثماني الى مدرسة للبنات وهو الآن يضم متحف الطب والعلوم عند العرب. والبيمارستان هو أحد ثلاثة بيمارستانات شيدت في دمشق،  الأول بنيت قبله وكان يعرف باليمارستان القاقي نسبة الى دقاق السلجوقي صاحب دمشق وعرف أيضا باسم باب البريد ثم سمي الصغير والعتيق،  أما البيمارستان الثالث فهو القيمري نسبة الى الأمير الأيوبي سيف الدين القيمري بني في حي الصالحية وفي جولة في هذا البيمارستان العريق ومتحف الطب والعلوم يلاحظ الزائر أنه من الأبنية الأثرية المتكاملة التي تقدم نموذجا يمثل العمارة السلجوقية من حيث مخططه وطراز عمارته وعناصره المعمارية الزخرفية، فضلاً عن ذلك فانه لايزال يحافظ على وصفه الأصيل، وله أهمية كبرى في تبيان تطور العمارة الإسلامية في دمشق خلال القرن الثاني عشر الميلادي وتأثرها بالعناصر الفنية التى أتى بها الزنكيون من بلاد الرافدين وإيران،  وبني على مرحلتين الأولى تضم البناء الأساسي والثانية هي مدرسة الطبيب بدر الدين ابن قاضي بعلبك،  وبقي القسم الرئيسي من البيمارستان على وضعه الأصلي حتى الآن ويتميز البيمارستان بجمال هندسته وباحته الواسعة ومقرنصاته الفريدة والكتابات النسخية المنقوشة على بابه والتي بدأ باستعماها لأول مرة في عهد نور الدين بدلاً من كتابات الخط الكوفي. وتتميز بوابة البيمارستان النوري في دمشق، الذي يعود للعهد السلجوقي ، حيث الجملون المزخرف الذي يعلو باب المدخل يعود لطراز ، وفوق هذا الجملون لطراز آخر .ويعتبر البوابه من أجمل الآثار السلجوقية المتراكبة من حطات المقرنصات بحيث تكون بمجموعها هرما تعلوه طاسة مظلية ، وفي قاعدة هذا الهرم نسق من الأعمدة المعقودة بالأقواس المفصصة.
   وقد كان بحق أول وأعظم جامعة طبية في ذلك العصر وفي الشرق كله،  وكان بمثابة ما يسمى اليوم بالمستشفى المركزي وبقي يقدم رسالته في أواخر القرن التاسع عشر ميلادي حيث بني مستشفى الغرباء أو المستشفى الوطني بجانب التكية السليمانية،  أما أقسامه فقد كان مشتملاً على أقسام مرتبة لكل منها أطباؤه المختصون المشرفون عليه منها قسم الأمراض الباطنية والجراحة والكحالة( أمراض العين) وقسم التجبير إضافة إلى قسم لعلاج الأمراض العقلية وقسم ما يسمى اليوم بالعيادات الخارجية فقد كان الطبيب رضي الدين الرحبي يجلس على دكة ويكتب لمن يأتي الى البيمارستان ويستوصف منه للمرضى أوراقا يعتمدون عليها ويأخذون من البيمارستان الاشربة والأدوية التي يصفها،  وقسم الصيدلة يشتغل فيها الصيادلة بإعداد الأدوية من أشربة ومعاجين،  وأخيراً قسم المكتبة .
ويماثل البيمارستان النوري القصور بترفه ووسائل الراحة المتوفرة وأنواع الطعام التي تقدم للمرضى والمصابين كما أن العلاج كان مجانا للفقراء والأغنياء على حد سواء،  بل كانوا يمنحون لدى خروجهم من البيمارسيتان ثيابا ونقودا تكفيهم للعيش دونما اضطرار للعمل مدة أسبوعين هي مدة فترة النقاهة،  وتقديرا لمكانة هذا البناء الفريد ولدوره الكبير الذي لعبه في تطور العلوم الطبية والصيدلانية وغيرها قامت المديرية العامة للآثار والمتاحف بترميم البيمارستان النوري وجهزته واعدته ليكون مقراً لمتحف الطب والعلوم عند العرب،  حيث تعرض فيه أهم المساهمات والابتكارات والأدوات والكتب التي قدهما العلماء العرب في مجال الطب والصيدلة والفلك والرياضيات والجغرافيا والموسيقى وتبرز دور الأجداد الريادي في حمل مشعل الحضارة الإنسانية وتطور البشرية.
ويضم المتحف أربع قاعات رئيسية الأولى للعلوم والثانية للطب والثالثة للصيدلة والرابعة للطيور والحيوانات المحنطة إضافة إلى غرفة صغيرة تضم مكتبة علمية متخصصة،  ولدى زيارة المتحف يلاحظ قاعة العلوم وفيها نماذج وأدوات عربية ولوحات فنية تدل على تطور العلوم عند العرب مثل علم الفلك والضوء والمعادن والوزن النوعي والميكانيك فقد عاشت الأمة العربية والإسلامية في العصور الوسطى أعظم تجربة علمية على مر العصور، هذه العلوم أغنت الحضارة العربية والاسلامية.
والسمة الثقافية لهذه العصور كانت سمة عربية اسلامية بصرف النظر عن الانتماءات القومية او العرقية أو الدينية للإعلام المساهمين الذين هم من ثمرات النهضة العلمية آنذاك لقد كانت اللغة العربية لغة العلم وتناسب التعبير العلمي أكثر من أية لغة أخرى،  وهكذا كانت هذه اللغة هي بمثابة العمود الفقري الذي يوحد الناس كافة من مختلف الأجناس والمذاهب والأوطان ويعرض فى قاعة الطب مجموعة الأدوات والنماذج الطبية العربية ومخطوطات طبية قديمة بالإضافة إلى صور مأخوذة من مخطوطات قديمة تمثل عملية الفصد وحساب كمية الدم المسحوبة من المريض وتشريح العين وجهاز الدوران والهضم والجهاز العصبي ويوجد في وسط القاعة مشهد يمثل الفحص السريري في الطب العربي وطبيب يجس نبض المريض.
وقد كان الطب عند العرب في العصور الوسطى صناعة نبيلة لايسمح بتعاطيها إلا لمن حصل على خبرة واسعة عالما بالتشريح ملما بعلم وظائف الأعضاء خبيرا بالنبض محيطا بجميع العلوم التي لها صلة قريبة او بعيدة بالطب،  ويعرض بقاعة الصيدلة نماذج تمثل بعض الأدوات والأجهزة التي كان يقوم العلماء العرب بواسطتها بمزج ودق وتركيب الأدوية المستخرجة من الأعشاب الطبية مثل الواوين والمدقات والملاعق والقوارير إضافة إلى الميزان لتحديد العبارات الدقيقة للمزاد قبل مزجها وإجراء التجارب عليها وكذلك جهاز التقطير.
   ومن المعروف أن العرب هم المؤسسون الحقيقيون للصيدلة وهم الذين انشئوا المدارس لتعليمها والحوانيت لبيع الأدوية وصرفها،  كما أنهم أول من وضعوا كتباً خاصة بتركيب الأدوية أطلقوا عليها الأقرباذين و أخضعوا هذه الصناعة لرقابة المحتسب.
   ويلاحظ الزائر أن قاعة الطيور والحيوانات المحنطة هي تعليمية أكثر من كونها تاريخية، علماً أنها تشير إلى اهتمام العرب بعلم الحيوان وفن البيطرة وكذلك إتقانهم لفنون الصيد والقنص والمؤلفات العربية الزاخرة بهذه المعارف وافرة ومتعددة ويكفي أن يذكر في هذا المجال الجاحظ والقزويني والدميري، وأضيف إلى المتحف بعض المشاهد الجديدة المعبرة ومنها التعليم الطبي في البيمارستان في الإيوان الشرقي الكبير ومشهد الفحص السريري في الطب العربي في قاعة الطب ومشهد الاستشارة الطبية من المعاينة إلى وصف الدواء في قاعة الصيدلة.

                                          مخطط للبيمارستان النوري والعمل في البيمارستانات:
    كانت البيمارستانات تقسم إلى قسمين منفصلين؛ أحدهما للذكور والآخر للإناث. وكان كل قسم مجهزًا بما يحتاج إليه من آلات وخدم ومشرفين من الرجال والنساء. وينقسم كل قسم من هذين القسمين إلى قاعات تخصصية؛ فهناك قاعة للأمراض العقلية، وقاعة للأمراض الباطنية، وقاعة للجراحة، وقاعة للكحالة، وقاعة لتجبير العظام وقاعة للبرص. وكانت كل قاعة مقسمة بدورها لتخصصات أدق؛ فقاعة الأمراض الباطنية، على سبيل المثال، بها قسم للحُمَّيَات، وقسم للمبرودين(المتخومين)، وقسم للاسهال... وهكذا.
    وكانت هذه البيمارستانات فسيحة جيدة البناء وباحاتها الداخلية وأبهاؤها واسعة، وكانت تعتمد على الأوقاف في نفقاتها؛ سواء ما ينفق على المرضى أو الأطباء أو الطلاب. وكانوا يسجلون هذه الأوقاف في حجج مكتوبة ينقشونها على حجارة للتأكيد على توثيقها. وكان الماء فيها جاريًا بصورة مستمرة، ولكل بيمارستان رئيس يطلق عليه ساعور البيمارستان، ولكلّ قسم رئيس؛ فهناك رئيس للجرائحية (الجراحين) ورئيس للكحالين ورئيس للأمراض الباطنة، ورئيس للتمريض.
    وألحقت بكل مستشفى شرابخانة (صيدلية) سميت في عصور لاحقة أجزخانة، لها رئيس يسمى المهتار؛ أي الشيخ الصيدلي، يساعده غلمان يطلق على كل واحد منهم شراب دار. وكان لكل بيمارستان ناظر يشرف على الإدارة. ومن الوظائف المهمة في البيمارستان رئيس الأطباء، ويرأس مجموعة الأطباء، ويأذن لهم بالتطبيب، ويحدد لهم مواعيد تناوب العمل، ويحدد لكل طبيب موعدًا معلومًا لزيارة القاعة التي يعالج فيها مرضاه. وتأتي بعد وظيفة رئيس الأطباء وظيفة رئيس التخصص؛ كرئيس الكحالين الذي يرأس أطباء العيون وسلطته عليهم كسلطة رئيس الأطباء، ورئيس الجرائحية الذي يرأس الجراحين ومجبري العظام. وكان هؤلاء الأطباء مقدمين، يكرمهم الخلفاء والأمراء والوجهاء ويغدقون عليهم، ولم يمنع هذا الإكرام الكثيرين من العمل في البيمارستانات احتسابًا لوجه الله.
    إلى جانب الصيدلية الملحقة بالبيمارستان، كان لكل بيمارستان حمام عام ومكتبة، ومكان يخصص لرئيس الأطباء يقوم فيه بإلقاء الدروس على الطلاب.
     وكانت هذه البيمارستانات تستقبل المرضى من مختلف الأجناس والطبقات من الذكور والإناث، من المسلمين وغيرهم، وتوفِّر للمريض إقامة كاملة تتضمن المأوى والطعام إلى جانب الرعاية الطبية دون مقابل. والمتَّبع في هذه البيمارستانات أنه بمجرد السماح للمريض بالدخول، تنزع ثيابه وتحفظ في مكان خاص إلى أن يخرج معافىً، ثم يمنح ثيابًا أخرى نظيفة، ويظل فيه إلى أن يبرأ تمامًا. وعلامة ذلك أن يستطيع أكل رغيف كامل من الخبز وفرُّوج (دجاجة) ثم يخرج برازًا كاملاً. بعد ذلك يعطى صدقة البيمارستان؛ ثوبًا وبعض المال، حتى يخلد إلى الراحة في فترة النقاهة ولا يضطر للعمل . كانت البيمارستانات بمثابة مستشفيات تعليمية، يتلقّى فيها طلاب الطب علومهم. فبعد أن يتفقد الطبيب مرضاه ومعه طلابه، يأتي إلى إيوان خاص مزوّد بكل الآلات والكتب ثم يلقي عليهم دروسه أو يناقش معهم بعض الحالات التي وقفوا عليها. وكان بعض كبار الأطباء يجعل له مجلسًا عامًا في منزله أو في المدارس الخاصة لتدريس الأطباء الجدد، أصول مهنة الطب بالطريقة السليمة، ليتمكنوا من القيام بعملهم.
    كان اختيار مواقع هذه المستشفيات يتم بعد البحث والتقصي لتشييدها في أكثر الأماكن ملاءمة من حيث المناخ؛ فيذكر أن عضد الدولة لما طلب من الرازي اختيار موضع يقيم عليه البيمارستان العضدي في بغداد، أمر الرازي أن تعلّق قطع من اللحم في وقت واحد في أماكن مختلفة من المدينة فأيها أسرع إليه الفساد تركوه لسوء هوائه.
الأطباء الذين عملوا في البيمارستان الكبير النوري
1ـ مهذب الدين النقاش: هو الشيخ الامام أبو الحسن علي بن أبي عبد الله عيسى بن هبة الله النقاش مولده ومنشؤه ببغداد، عالم بعلم العربية والأدب واشتغل بصناعة الطب وكان له مجلس علم للمشتغلين عليه. وتوجه الى مصر وأقام بالقاهرة مدة ثم رجع الى دمشق وخدم بصناعة الطب الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، وكان يعاني كتابة الانشاء وخدم في البيمارستان الكبير النوري وكانت وفاته يوم السبت 12محرم سنة (574هـ ـ 1178م).
2ـ موفق الدين بن المطران: هو الحكيم العالم موفق الدين أبو نصر أسعد بن أبي الفتح الياس بن جرجس المطران: كان مولده ومنشؤه بدمشق وكان أبوه أيضاً طبيباً. وخدم بصناعة الطب الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وأسلم ابن المطران في أيامه. وكانت اه همة عالية في تحصيل الكتب ومات وفي خزانة كتبه ما يناهز عشرة الاف من الكتب الطبية. وكان ابن المطران بالبيمارستان الكبير النوري يعالج المرضى المقيمين به، توفي في شهر ربيع الأول سنة (587هـ ـ 1191م) بدمشق.
3ـ ابن حمدان الجرائحي: كان من جملة أطباء البيمارستان الكبير النوري ومعاصراً لموفق الدين بن المطران.
4ـ أبو الفضل بن عبد الكريم المهندس: هو مؤيد الدين أبو الفضل محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن الحارثي: مولده ومنشؤه بدمشق وكان يعرف بالمهندس لجودة معرفته بالهندسة قبل أن يتحلى بمعرفة صناعة الطب، واشتغل أيضاً بصناعة النجوم وكانت له جامكية لطبه في البيمارستان الكبير النوري وبقي فيه الى أن توفي سنة(599هـ ـ 1202م) بدمشق وعاش نحو السبعين.
5ـ موفق الدين عبد العزيز: هو الشيخ الإمام موفق الدين عبد العزيز بن عبد الجبار بن أبي محمد السلمي: كان كثير الخير شديد الشفقة على المرضى وكان في أول الأمر فقيهاً ثم اشتغل بعد ذلك بصناعة الطب وخدم في البيمارستان الكبير النوري، خدم الملك العادل أبا بكر بن أيوب وتوفي بدمشق في يوم الجمعة20ذي القعدة سنة(604هـ ـ 1207م) وعمره نحو الستين سنة.
6ـ كمال الدين الحمصي: هو أبو منصور المظفر علي بن ناصر القرشي اشتغل بصناعة الطب والأدب وكان محباً للتجارة وأكثر معيشته منها ويكره التكسب بصناعة الطب وبقي سنين يتردد الى البيمارستان الكبير النوري ويعالج المرضى فيه احتساباً الى أن توفي في يوم الثلاثاء 9من شعبان سنة (612هـ ـ 1215م).
7ـ رشيد الدين بن علي خليفة: هو أبو الحسن علي بن خليفة بن يونس بن أبي القاسم بن خليفة بن الخزرج مولده بحلب سنة (579هـ ـ 1183م) ثم توجه الى مصر واشتغل بصناعة الطب، ولازم جمال الدين بن أبي الحوافي رئيس الأطباء بمصر وملكها العزيز عثمان بن الملك الناصر صلاح الدين ولازم مشاهدة المرضى بالبيمارستان. وفي سنة 593هـ انتقل الى الشام وباشر المرضى في البيمارستان الكبير النوري وجعل له مجلساً لتدريس صناعة الطب توفي يوم الإثنين في17شعبان سنة616هـ.
8ـ مهذب الدين عبد الرحيم بن علي: هو الشيخ الإمام العالم مهذب الدين أبو محمد عبد الرحيم بن علي بن حامد ويعرف بالدخوار مولده ومنشؤه دمشق، وكان أبوه كحالاً مشهوراً. وجدم مهذب الدين كحالاً بالبيمارستان النوري الكبير ثم اشتغل بصناعة الطب ثم توجه الى الديار المصرية، وخدم الملك العادل أبا بكر بن أيوب وولاه رياسة الطب بمصر والشام. ثم أقام بدمشق وتولى العلاج بالبيمارستان الكبير النوري ثم شرع في تدريس صناعة الطب واجتمع إليه كثير من أعيان الأطباء ووقف داره وجعلها مدرسة للطب ووقف لها ضياعا وعدة أماكن وتوفي ليلة الإثنين 15شهر صفر(628هـ ـ 1230م).
9ـ مهذب الدين أحمد بن الحاجب: كان طبيباً مشهوراً في الصناعة الطبية متقناً للعلوم الياضية معتنياً بالأدب مولده بدمشق ونشأ بها وخدم بصناعة الطب بالبيمارستان الكبير النوري.
10ـ ابن اللبودي: هو العالم شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبدان بن عبد الواحد بن اللبودي: أتقن الحكمة وصناعة الطب وكان له مجلس لتدريس هذه الصناعة وخدم الملك الظاهر غياث الدين غازي بن الملك الناصر. وأقام عنده بحلب، ثم أتى إلى دمشق وأقام بها يدّرس الطب ويطبب في البيمارستان الكبير النوري، وتوفي بدمشق في4 ذي القعدة سنة622هـ وله من العمر51 سنة.
11ـ عمران الإسرائيلي: هو الحكيم أوحد الدين عمران بن صدقة، مولده بدمشق في سنة561ه وكان أبوه طبيباً مشهوراً وكان الملك المعظم قد أطلق له جامكية و يتردد إلى البيمارستان الكبير النوري وتوفي في حمص في شهر جمادى الأولى سنة(637هـ ـ 1239م).
12ـ سديد الدين بن رقيقة: هو أبو الثناء محمود بن عمر بن محمد بن إبراهيم بن شجاع الشيباني الحانوي ويعرف بابن رقيقة كان مولده سنة564ه بمدينة حيني ونشأ بها وكانت معرفته بصناعة الكحل والجراح، وحاول كثيراً من أعمال الحديد في مداواة أمراض العين و قدح الماء النازل في العين لجماعة وأنجب قدحه وأبصروا. وكان المقدح الذي يعانيه مجوفاً وله عطفة ليتمكن في وقت القدح من امتصاص الماء، و يكون العلاج أبلغ وفي سنة632هـ وصل إلى دمشق إلى السلطان الأشرف وأمر بأن يواظب على معالجة المرضى بالبيمارستان الكبير النوري وتوقي في سنة635هـ وكان شاعراً مجيداً.
13ـ الجمال المحقق أحمد بن عبد الله بن الحسين الدمشقي: اشتغل بالفقه وبرع فيه وكان فاضلا في الطب وقد ولي الدخوارية وعاد المرضى بالبيمارستان على قاعدة الأطباء، وكان مدرساً للشافعية بالفرّخشافية ومعيداً بعدة مدارس وكان جيد الذهن مشاركاً في فنون كثيرة توفي سنة649هـ.
14ـ سعد الدين بن عبد العزيز: هو الحكيم العالم سعد الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الجبار بن أبي محمد السلمي ولد بدمشق سنة (593هـ ـ 1187م) وخدم بصناعة الطب في البيمارستان الكبير النوري إلى أن توفي في سنة (644هـ ـ 1246م) بدمشق.
15ـ رضى الدين الرحبي: وهو علي بن يوسف بن حيدرة بن الحسن الرحبي، ولد في مدينة الرحبة بجزيرة ابن عمرو (534هـ ـ 1139م)، سافر إلى بغداد و اشتغل بصناعة الطب، ثم رحل إلى دمشق مع أبيه في زمن السلطان الملك العادل نور الدين الزنكي، ثم عمل قي خدمة الملك الناصر صلاح الدين قي قلعة وبيمارستان القاهرة، ولما توفي صلاح الدين (589هـ ـ 1192م) عاد إلى دمشق، ويقي قيها إلى أن توفي سنة (631هـ ـ 1233م).
16ـ جمال الدين بن الرحبي: هو جمال الدين عثمان بن يوسف بن حيدرة الرحبي أخو السابق، اشتغل بصناعة الطب على والده بدمشق وخدم بالبيمارستان الكبير النوري وبقي به سنين ولما وصل التتار إلى الشام سنة (657هـ ـ 1258م) توجه إلى مصر وأقام بها وتوفي بالقاهرة سنة (658هـ ـ 1259م).
17ـ شرف الدين بن الرحبي: هو شرف الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن حيدرة بن الحسن الرحبي. ولد بدمشق سنة (583هـ ـ 1187م) واشتغل بصناعة الطب وخدم مدة في البيمارستان الكبير النوري و درّس بالمدرسة الدخوارية وتوفي سنة (667هـ ـ 1268م).
18ـ شمس الدين محمد الكلي: هو الحكيم العالم أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبي المحاسن، كان أبوه أندلسياً وأتى إلى دمشق ونشأ شمس الدين بدمشق وقرأ صناعة الطب وحفظ كليات القانون حفظاً جيداً، ولذلك قيل له الكلّي. وخدم بصناعة الطب الملك الأشرف موسى بدمشق ثم في البيمارستان الكبير النوري.
19ـ عز الدين بن السويدي: هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد كان أبوه تاجراً من السويداء بحوران، ولد بدمشق سنة (600هـ ـ 1203م) ونشأ بها واشتغل بصناعة الطب وقرأ علم الأدب وأتقن العربية وأجاد الشعر وخدم فب البيمارستان الكبير النوري وفي بيمارستان باب البريد وكان مدرساً بالدخوارية.
20ـ عماد الدين الدنيسري: هو عماد الدين أبو عبد الله محمد بن القاضي الخطيب تقي الدين عباس بن أحمد بن عبيد الربعي مولده بدنيسر في سنة605 ونشأ بها واشتغل بصناعة الطب وتميز في الأدب والفقه خدم في البيمارستان الكبير النوري.
21ـ بدر الدين بن قاضي بعلبك: هو الحكيم العالم بدر الدين المظفر ابن القاضي الإمام مجد الدين عبد الرحمن بن إبراهيم نشأ بدمشق واشتغل بصناعة الطب وخدم في البيمارستان الذي بالرقة. وصنف مقالة في مزاج الرقّة وأحوال أهويتها. ثم أتى إلى دمشق وخدم الملك الجواد مظفر الدين يونس بن شمس الدين مودود وذلك في سنة635هـ . وولي رياسة جميع الأطباء و الكحالين والجراحين والبيمارستان الكبير النوري وقرأ الفقه والتقسير.
22ـ جمال الدين بن عبد الله: بن عيد السيد أسلم مع والده وكان من أطباء البيمارستان النوري بدمشق توفي سنة 735هـ ودفن في قبر أعده لنفسه.
23ـ عبد الله بن عبد الحق: بن إبراهيم بن محمد بن عبد الحق رئيس الجرائحية جمال الدين ابن رئيس الأطباء شمس الدين القاهري ويعرف بابن عبد الحق: ولد قبل القرن ودخل في سفره مع أبيه الشام في خدمة الناصر فرج، وتميز في صناعة الطب وباشر رياسة الجرائحية وقتاً وتقدم في أيام الأشرف إينال ولم ينفك عن ملازمة البيمارستان كل يوم مات في ربيع الأول سنة891هـ ودفن بترية ابن جماعة بالقرب من الصوفية.
24ـ ابن النفيس: كان ابن النفيس طبيباً عظيماً ومؤلفاً غزير الإنتاج، كما كان فقيهاً مشهوراً. وسوف أقصر بحثي هذا على عرض مادة من كتابه " الشامل في الصناعة الطبية ". تعلم ابن النفيس الطب في دمشق، في البيمارستان النوري الكبير الذي أنشأه الأمير نور الدين محمود بن زنكي في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي. وكان مهذب الدين عبد الرحيم بن علي الدخوار (توفي 628 هـ/ 1230م) أحد معلمي ابن النفيس في دمشق. كما كان من تلاميذ الدخوار في دمشق أيضاً موفق الدين أبو العباس أحمد بن قاسم بن خليفة الخزرجي ، وشهرته ابن أبي أصيبعة (توفي 668 هـ/ 0 27 1 م). ومن المعروف أن أبا الفرج بن يعقوب بن إسحاق بن القف أمين الدولة الكركي (توفي 685 هـ/ 1286 م) قرأ الطب على كل من ابن النفيس  وابن أبي أصيبعة. وعلى ذلك، فمما يدعو إلى التساؤل والدهشة ألا يؤ رخ ابن أبي أصيبعة لابن النفيس في مؤلفه المشهور " عيون الأنباء في طبقات الأطباء ". ويبدو أن النبذة القصيرة التي تظهر في ذيل مخطوط واحد لهذا الكتاب، في المكتبة الظاهرية بدمشق  مدونة بخط متأخر عن خط المخطوط نفسه وبلغة الفعل الماضي. ويستدل من ذلك على أن كاتبها لم يكن معاصراً لابن النفيس. ومن المرجح أن مالك هذا المخطوط كان قد أضاف هذه النبذة إتماماً للفائدة.
البيمارستان الكبير النوري الذي بناه السلطان نور الدين محمود بن زنكي، قال عنه المؤرخون أته لم يكن له نظير في العالم في ذلك الوقت، زاره الرحالة ابن جبير الذي حط الرحال في مدينة دمشق سنة580هـ وقال: (( وبها مارستان قديم وحديث، والحديث أحفلهما وأكبرهما)).
وقال ابن أصيبعة: (( كما أنشأ الملك العادل نور الدين البيمارستان الكبير، جعل أمر الطب فيه إلى أبي المجد بن أبي الحكم الباهلي، الذي كان يتردد إليه ويعالج المرضى فيه )) ثم قال: (( وبعد فراغه من ذلك وطلوعه على القلعة وافتقاده المرضى من أعيان الدولة يأتي ويجلس في الإيوان الكبير الذي بالبيمارستان، وكان نور الدين رحمه الله قد وقف على هذا البيمارستان جملة من الكتب الطبية، وكان جماعة من الأطباء والمشتغلين يأتون إليه ويقعدون بين يديه، ثم تجري مباحث طبية ويقرئ التلاميذ، ولا يزال معهم في اشتغال ومباحثة ونظر في الكتب مقدار ثلاث ساعات )).
ظل البيمارستان النوري يعمل في معالجة المرضى على سنة(1317هـ ـ 1899م)، وكان أطباؤه وصيادلته لا يقلون عن العشرين، وقد قامت بلدية دمشق، في عهد حسن ناظم باشا والي سوريا العثماني بإنشاء الغرباء

0 التعليقات:

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More