..

العراضة الشامية

- كما هو معروف في دمشق خاصة-
هي تلك الظاهرة من الفلكلور الشعبي
أو تظاهرة الفرح التي تواكب الأعراس..
بالطبل والمزمار..وبالزجل والأشعار..
وهي عميقة الجذور..لا يعرف تماماً متى ألقيت من أجلها البذور..
أما كيف كانت العراضة فهذا عندما كانت الحارة هي المجتمع الصغير..
حتى إذا جاء يوم العرس تجمع شبان الحارة..متأنقين معطرين..
وبكامل استعدادهم للفرح ليحيطوا بالعريس ويلقون في سمعه أطيب الكلام..
ويهيئونه لهذه الليلة
فإذا ما انتهوا زفوه بالعراضة إلى فناء الدار..أو مكان الفرح المختار..
بين الطبل والزمر..ونثر الزهر والرز..
و ينضم إلى العراضة الاهل والمعازيم ورجال الحارة
والحارات المجاورة
وعندما توشك أن تصل إلى غايتها أو نهايتها تبدأ زغاريد النساء من فوق الأسطحة..
أو من وراء الجدران فرحاً بعروستهم ذات الجمال والعفاف والصون
وما أكثر التفاصيل والزيادات..
التي تتفتح عنها الأذهان والذكريات في مثل تلكَ المناسبة..
وفي يومنا هذا
مازالت العراضة مرغوبة ومحبوبة..وتظل رمزاً من رموز الماضي..
وأطياف الحارة.. ولو كان العريس يهبط من سيارة فارهة أمام فندق فخم..
ولو كانت العروس تحيي فرحها ليس فقط بين النساء
بل بين الطرفين من النساء والرجال.
وبما انّ العراضة هي من أصول الفلكلور الشامي القديم الذي مازال ليومنا هذا
فيمكنكم أن تروا نوعاً من الحنين..
حيث أن الاعراس في هذه الأيام تحنُّ إلى الأعراس القديمة وتفضل تقليدها
فيقوم العريس وأهله باستأجار احد اليوت القديمة
– البيت العربي – ليقيموا فيه ليلة العمر
ويقومون أيضاً بإحضار فرقة العراضة الشامية
وتتم حفلة التلبيسة الخاصة بالعريس .. حيث يرتدي العريس ثيابه الجديدة..
ويحلق الحلاق ذقنه ويعطره وسط رفاقه، الذين يهتفون بعبارات خاصة بالمناسبة،
ويرافق كل ذلك وخزه بالدبابيس كنوع من المداعبة..
وكلما ارتدى العريس قطعة من ملابسه الجديدة يصيح الشباب:
"صلوا على محمد... مكحول العين... ونير وغضير... وعادينا... وهيه!"
وبعد الانتهاء من تزيين العريس تضيف القهوة العربية
- القهوة المرة-
وطبعاً تختلف الضيافة بين الصيف والشتاء ففي الصيف تضيف البوظة بالفستق
وفي الشتاء تضيف المحلايه
تعتبر هذه الضيافة المعتاد عليها والتقليدية
أما العشاء وخلافه فيعتمد على رغبة أهل العريس ..
وعندما يحين الموعد المتفق عليه،
يتوجه العريس في موكب خاص إلى مكان الذي يقام فيه الفرح ويدعى صالة الافراح .. فتتشكل العراضة في المقدمة،
يليهم لاعبو الحَكَم وأهل العريس ووجهاء الحي،
يتوسطهم العريس نفسه، وحوله حملة الفوانيس ويليهم بقية المدعوين..
ويستغرق انتقالهم بعض الوقت بسبب الأهازيج والعراضة،
التي يردد فيها الشباب وصفات خاصة بالمناسبة، منها:
شـن كليلة شـن كليلة شو هالليلة ... شو هالليلة
مـن هالليلة حمل السلة ومن هالليلة صار له عيلة
الله يعينه على هالليلة!
عريـس الزين يتهنّـى يطلـب علينا ويتمـنى
عريـس الزين يا غالي أفديه بالـروح والمال
يا عريـس كفّك محنى يا عريـس كتر ملبّس
يا سـباع البـرّ حـومي اشـربي ولا تعـومي
اشـربي من بير زمـزم زمـزم عليها السـلام
ويا سلام اضرب سـلام عللي مظـلل بالغـمام
الغـمـامـة غـمتـو غـمتـو ومـا لمتـو
غمتـو خـوفـاً عليـه وعلينـا ... وعـليـه
وعلـى من زار قـبره وعلـى من حـج إليه
وعند الوصول إلى مدخل صالة الفرح تشتد عزيمة الشباب، وترتفع الأصوات بالهتافات:
"جينا جينا جينا... جبنا العريس وجينا"،
وتختلط الهتافات مع زغاريد النسوة.
وهناك عدة أغاني تتغنى بها رجال العراضة
ويرددونها من وراهم الشبان والأصدقاء
وسأذكر بعضها وسارفق معها مقاطع صوتيه يمكنكم
تحميلها وسماعها إن أحببتم ..
صلوا على محمد مكحول العين
نير وغضير وعادلا وهي
أول مانبدا منقول
صلوا على طه الرسول
أول ما بدينا
على النبي صلينا
يا صلاتك يا محمد
وبالصلاة صلوا عليه
وااا علينا وااا عليه
وعلى من زار قبره
حجيت الحجاج لاجله
وعلى من حج إليه
وادللي ياعيني
على عريس الزيني
وادللي ياغاليه
لاطلع لك العالية
يا بنات ويا بنات
لالالعبك لعب البنات
يم الشعور المجدلات
يلي شعرك شعر الخيل
مسا الخير ومسا الخير
الله يمسيكم بالخير

وقبل وصول العريس إلى مكان الفرح
تكون النسوة في حالة سعادة وفرح لا يوصفان
فهل يوجد أجمل من ليلة العرس والفرح
وللأفراح عند النسوة الدمشقيات زغاريدها،
وللزغاريد اسم في اللهجة الشامية هو "الزلاغيط"، ومفردها "زلغوطة"..
والزلغوطة ترديد جماعي بأصوات نسائية مسبوقة بعبارة "أوها"
وملحوقة بـ "لي لي لي لي ليش"،
وهي تقال بأصوات عالية وبنغمة واحدة لا تتغير.
ومن الزلاغيط المعروفة في دمشق:
أوْها بِـبيـتنا رمّـانـة أوها حـامضـة و لفّـانـة
أوها حَـلَفْنا ما نقطعـها أوها ليدخل عريسنا بالسلامة
لي لي لي لي ليش
أوها عاللّعْلَعي اللّعْلَعـي أوها يا صـبايا تجمّـعي
أوها يا ليل طول طـول أوها ويا شمس لا تطلعي
لي لي لي لي ليش
أوها حَصَّنتك بياسـيـن أوها ويا زهـر البسـاتين
أوها يا مصحف صـغير أوها على روس السلاطين
لي لي لي لي ليش
أوها شـو هالنهار اللايـق أوها وفرحتلنا الخـلايق
أوها وطقت قلوب الأعادي أوها ولَمّن حقت الحقايق
لي لي لي لي ليش
أوها يا ما قعـدوا جنبـي أوها ويا ما حرقـوا قلبي
أوها وقالوا فلان ما بيتجوز أوها تجوّز وربي نصرني
لي لي لي لي ليش
أوها يا صحـن حليـب أوها وكل ما برد بيطيب
أوها نحـنـا أهـليـة أوها وما في حدا غريب
لي لي لي لي ليش
أوها العريـس يا واحد أوها وعروسته يا اتنيـن
أوها يـا خـرزة زرقا أوها تـردّ عنهن العيـن
لي لي لي لي ليش
أوها يا عـريـس لا تعبـس أوها افريد هالبقجـة والبـس
أوها شواربك عروق الريحان أوها وسوالفها عروق النرجس
لي لي لي لي ليش
أوها يا عروس الله يكون معك
أوها هالبكي كله ما بينفعك
أوها إن كان إلك شي مسمار
أوها بالحيط عند أهلك اقلعيه وخدي معك
لي لي لي لي ليش
تستمر النسوة في إحياء فرحتهن، فيغنّين ويطربن ويرقصن.
ويستمرون على هذا الحال إلى نهاية العرس .. وتوصيل العرسان على عش الزوجية

0 التعليقات:

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More