الشخصية
إذا نظرنا إلى الناس في أقوالهم وأفعالهم رأينا أن كل شخص منهم فرد يختلف عن غيره من جهة، ويشترك معه في عدد من النواحي من جهة أخرى، وأن الاختلاف يبقى دائمًا رغم وجود عدد من نواحي الاشتراك. لذلك نستطيع القول بأن كل إنسان يشبه كل الناس من جهة، ويشبه بعض الناس من جهة أخرى، وهو متميز من جهة ثالثة حيث إنه ينتمي إلى نوع الآنسان ويحمل خصائصه الآنسانية العامة، ويشبه عددًا من الناس في بعض تصرفاﺗﻬم ومظاهر سلوكهم، ولكنه يبقى متميزًا متفردًا من حيث هو شخص. ثم إننا كذلك نرى أن الفرد في تفاعل مستمر مع الشروط والظروف التي تحيط به: فهو يأخذ منها ويتحمل آثارها من جهة، وهو يحدث فيها نوعًا من الفعل من جهة ثانية. انه كثيرًا ما يواجه ظروفه بنجاح ويتكيف معها تكيفًا مناسبًا، وكثيرًا ما يفشل في مواجهتها بما يلزم، وقد يطول فشله، وقد يصبح تكيفه معها غير مناسب وغير مرض.
تعريف الشخصية
يظهر الشخص ناميًا متطورًا، من جهة، ويظهر من جهة أخرى، ثابتًا نوعًا من الثبات في مواقفه واتجاهاته. يبدو متفرّدًا متميزًا عن غيره، من جهة، ومشابهاً غيره، من جهة أخرى. وهو كلٌ موحٌد، أو وحدة متكاملة، من طرف، ولكنه يُرى ويبحث في عدد من الجوانب والجهات المتمايزة من طرف آخر فكيف نعرّف هذا التركيب الذي يبدو من خلال هذه الزوايا المتعددة؟ تعريف الشخصية من حيث المعنى اللغوي للكلمة: الشخص، في اللغة العربية، هو ( سواد الآنسان وغيره يظهر من بعد أما ( الشخصية ) فكلمة حديثه الاستعمال لا يجدها الباحث في أمهات معاجم اللغة العربية، فإذا وجدت في بعض الحديث منها فهي تعني صفات تميز الشخص من غيره وكان استعمالها قائمًا على معنى الشخص أي على معنى كل ما في الفرد مما يؤلف شخصه الظاهر الذي يرى من بعد، وعلى مفهوم التفاوت. أما في اللغتين الآنكليزية والفرنسية ( personality)
فكلمة الشخصية فكلمة الشخصية مشتقة من الأصل اللاتيني (persona) وتعني هذه الكلمة القناع الذي كان يلبسه الممثل في العصور القديمة حين كان يقوم بتمثيل دور، أو حين كان يريد الظهور بمظهر معين أمام الناس فيما يتعلق بما يريد أن يقوله أو يفعله. وقد أصبحت الكلمة، على هذا الأساس، تدل على المظهر الذي يظهر فيه الشخص .
الثبات و تغيير الشخصية
تجتمع في الشخصية خاصيتان أساسيتان، تظهر الأولى على شكل ثبات في الشخصية، وتظهر الثانية في التغير والتطور اللذين ينالاﻧﻬا خلال تاريخ حياتها. فكيف نفهم هاتين الخاصيتين المتلازمتين، وما هي النتائج التي تترتب على وجودهما.
ثبات الشخصية: يتألف من:
1- الثبات في الأعمال: يظهر هذا النوع من الثبات في اتجاهاتنا المختلفة التي يعكسها سلوكنا في أشكاله المختلفة، وبخاصة ما كان منها متص ً لا بطريقة تعاملنا مع الآخرين واحترامهم والتصرف بشؤونهم. هنا نلاحظ كيف يظهر أحدنا متجهًا نحو اللف والدوران في التعامل مع الآخرين، كما يظهر الآخر معتمدًا في أعماله قواعد من نوع احترام مصلحة الآخرين، وحقوقهم والشعور تجاه الكلمة والحركة.
2- الثبات في الأسلوب: هنالك نوع آخر من الثبات في الشخصية يمكن أن يسمى الأسلوب أو التعبير، ونعني به ما يظهر عليه أي عمل مقصود نقوم به . فالطريقة التي تتبع في الإمساك بلفافة التبغ وتدخينها يمكن أن تكون مثا ً لا واضحًا لما هو مقصود هنا من الأسلوب أو التعبير، وكذلك الأمر في طريقة إمساكنا بالقلم حين الكتابة . وقد كان من بين الدراسات الواسعة لهذه الظاهرة تلك التي قام بها اولبورت وفرنون وكان موضوع دراستهما الحركات التعبيرية وقد لاحظ أن عددًا من الحركات التعبيرية يميل إلى البقاء مع بعضها وإلى الثبات لدى الفرد حين يمر بمناسبات مختلفة.
3- الثبات في البناء الداخلي: إن أقوى ما يظهر عليه الثبات هو الثبات في البناء الداخلي، ونعني بذلك الأسس العميقة التي تقوم عليها الشخصية ومن هنا نفهم تعريف باودن للشخصية حين يقول أنها تلك الميول الثابتة عند الفرد التي تنظم عملية التكيف بينه وبين بيئته .
4- الثبات في الشعور الداخلي: لقد نوقش الثبات من حيث شعور الفرد داخليًا باستمرار وحدة شخصيته . واخذ الثبات ضمن النقاش اكثر من اسم فقد أطلق عليه أحيانًا اسم هوية الشخص، كما أطلق عليه أحيانًا أخرى اسم وحدة الشخصية وهو إنما يظهر بالواقع في شعور الفرد داخليًا وعبر حياته باستمرار وحدة شخصيته وهويتها وثباتها ضمن الظروف المتعددة التي تمر بها ، كما يظهر بوضوح في وحدة الخبرة التي يمر بها في الحاضر واستمرار اتصالها مع الخبرة الماضية التي كان يمر بها .
تغير الشخصية :
إن الثبات الذي كنا نتحدث عنه ليس في الواقع إلا ثباتًا نسبيًا. وهو بهذا المعنى بعيد عن أن يكون سكونًا أو استمرارًا أبديًا في وضع واحد إن صفات الحركة والنمو والتغير والانطلاق التي تعبر عن ديناميكية الشخصية صفات أساسية لها فالشخص يمر خلال طفولته بأشكال مختلفة من النمو في نواح متعددة من بنائه، وهو يتغير ويتطور خلال هذا النمو، أنه ينمو من حيث معارفه، ومن حيث قدراته ونوعيتها ومستواها، وينمو في أشكال خبرته ومواقفه من المؤثرات التي تحيط به انه يتفاعل بشكل مستمر مع ما يحيط به ، ويترك هذا التفاعل آثاره في مكونات شخصه إن صفة
التغير أساسية عنده . وحين يصل إلى مرحلة الرشد التي نستطيع أن نقول عنها أن مظهر الثبات قد اصبح الغالب فيها ، فإن التطور في الشخص يبقى مع ذلك مستمرًا وإلا لما أمكن فهم ما يصيب الفرد واﻟﻤﺠتمع من تطور وتقدم، وما يصيب الشخصية الشاذة من تعديل بتأثير العلاج إن هذا التغير في الشخصية ملاصق لثباتها النسبي وغير متعارض معه وكأننا في الواقع أمام طريق واسعة تكون العراقيل والخبرات فيها كثيرة ومتنوعة، وهي تؤثر في عابرالسبيل ولكن السبيل في اتساع فيه نوع من الوحدة والديمومة .
مكونات الشخصية
يرى بعض العلماء أن الشخصية في الأعماق بناء ثلاثي التكوين، وأن كل جانب في هذا التكوين يتمتع بصفات وميزات خاصة، وأن الجوانب الثلاثة تؤلف في النهاية وحدة متفاعلة ومتماسكة هي الشخصية، هذه الجهات أو الجوانب الثلاثة هي : الهو ، الأنا و الأنا الأعلى .
( الهو ) : فذلك القسم الأولي المبكر الذي يضم كل ما يحمله الطفل معه منذ الولادة من الأجيال السابقة وانه يحمل ما يسميه فرويد الغرائز ومن بينها غرائز اللذة والحياة والموت . وهو يعمل تحت سيطرة ما يضمه منها . وما هو موجود فيه لا يخضع إذن لمبدأ الواقع أو مبادئ العلاقات المنطقية للأشياء بل يندفع بمبدأ اللذة الابتدائي، وكثيرًا ما ينطوي على دوافع متضاربة . انه لا شعوري وهو يمثل الطبيعة الابتدائية والحيوانية في الإنسان.
( الأنا ) : فينشأ ويتطور لأن الطفل لا يستطيع أن يشبع دوافع الهو بالطريقة الابتدائية التي تخصها، ويكون عليه أن يواجه العالم الخارجي وان يكتسب من بعض الصفات والمميزات وإذا كان الهو يعمل تبعًا لمبادئه الابتدائية الذاتية، فإن الأنا يستطيع أن يميز بين حقيقة داخلية وحقيقة واقعية خارجية. فالأنا من هذه الناحية يخضع لمبدأ الواقع، ويفكر تفكيرًا واقعيًا موضوعيًا ومعقولاً لا يسعى فيه إلى أن يكون متمشيًا مع الأوضاع الاجتماعية المقبولة . هكذا يقوم الأنا بعملين أساسين في نفس الوقت: أحدهما أن يحمي الشخصية من الأخطار التي ﺗﻬددها في العالم الخارجي، والثاني أن يوفر نشر التوتر الداخلي واستخدامه في سبيل إشباع الغرائز التي يحملها الهو وفي سبيل تحقيق الغرض الأول يكون على الأنا أن يسيطر على الغرائز ويضبطها لأن
إشباعها بالطريقة الابتدائية المرتبطة معها يمكن أن يؤدي إلى خطر على الشخص . فالاعتداء على الآخرين بتأثير التوتر الناشئ عن الغضب يمكن أن يؤديإلى ردّ الآخرين ردًا يمكن أن يكون خطرًا على حياة المعتدي نفسه وهكذا يقرر الأنا متى و أين و كيف يمكن لدافع ما أن يحقق غرضه أي أن على الأنا أن يحتفظ بالتوتر حتى يجد الموضوع المناسب لنشره . وهكذا يعمل الأنا طبقًا لمبدأ الواقع مخضعًا مبدأ اللذة لحكمه مؤقتًا.
( الأنا الأعلى ) : هنا نجد أنفسنا أمام حاضن للقيم والمثل الاجتماعية والدينية التي ربى الطفل عليها في بيته ومدرسته ومجتمعه. فالأنا الأعلى يمثل الضمير المحاسب، وهو يتجه نحو الكمال بدلاً من اللذة، ولهذا الأنا الأعلى مظهران، الضمير والأنا المثالي . يمثل الأول الحاكم بينما يمثل الثاني القيم . فإذا أردنا تلخيص هذا البناء الثلاثي الداخلي للشخصية كما يراه بعض العلماء قلنا ما يلي : إن الأنا هو الذي يوجه وينظم عمليات تكيف الشخصية مع البيئة، كما ينظم ويضبط الدوافع التي تدفع بالشخص إلى العمل، ويسعى جاهدًا إلى الوصول بالشخصية إلى الأهداف المرسومة التي يقبلها الواقع، والمبدأ في كل ذلك هو الواقع. إلا أنه مقيد في هذه العمليات بما ينطوي عليه الهو من حاجات، وما يصدر عن الأنا الأعلى من أوامر ونواهي وتوجيهات فإذا عجز عن تأدية مهمته والتوفيق بين ما يتطلبه العالم الخارجي وما يتطلبه الهو و الأنا الأعلى كان في حالة من الصراع يحدث أحيانًا أن يقوده إلى الاضطرابات النفسية . نظرية السمات في الشخصية يميل الاتجاه الموضوعي في بحث الشخصية يمكن كشفها ووضعها وإخضاعها للقياس في واحد أو اكثر من السمات وقياسها إلى النظر إليها على أنها تركيب يضم مجموعة من السمات أشكاله المتعددة. ولنبحث أولاً مفهوم السمة. كيف نفهم السمة يمرّ الشخص بظروف متنوعة الشروط خلال حياته اليومية ويواجهها بأشكال من السلوك فإذا جعلنا هذا الشخص موضوع ملاحظة تبين لنا من سلوكه انه ينقل خبرات لديه من ميدان أو إطار سابق إلى آخر، وأن ثمة صفات يتكرر
ظهورها في أشكال من سلوكه.
لكل فرد شخصيته المتميزة، ولكنه في الوقت نفسه مشترك مع الآخرين في الكثير من مظاهر تلك الشخصية إن في الشخصية نوعًا من الثبات يبدو في أساليبها واتجاهاتها وشعورها باستمرار هويتها، ولكن فيها كذلك نوعًا من التغير وإلا لما كان من الممكن فهم النمو والتربية ومن هنا يكون أمر إحاطة الشخصية بتعريف شامل أمرًا صعبًا قد يتجه التعريف نحو تميزها عن غيرها وقد يتجه نحو ائتلاف الصفات التي تكونها وتنطوي عليها، وقد يذهب إلى ما يبدو في سماتها أو إجراءاتها ومن هنا نصادف عددًا غير قليل من أشكال تعريف الشخصية.
إذا نظرنا إلى الناس في أقوالهم وأفعالهم رأينا أن كل شخص منهم فرد يختلف عن غيره من جهة، ويشترك معه في عدد من النواحي من جهة أخرى، وأن الاختلاف يبقى دائمًا رغم وجود عدد من نواحي الاشتراك. لذلك نستطيع القول بأن كل إنسان يشبه كل الناس من جهة، ويشبه بعض الناس من جهة أخرى، وهو متميز من جهة ثالثة حيث إنه ينتمي إلى نوع الآنسان ويحمل خصائصه الآنسانية العامة، ويشبه عددًا من الناس في بعض تصرفاﺗﻬم ومظاهر سلوكهم، ولكنه يبقى متميزًا متفردًا من حيث هو شخص. ثم إننا كذلك نرى أن الفرد في تفاعل مستمر مع الشروط والظروف التي تحيط به: فهو يأخذ منها ويتحمل آثارها من جهة، وهو يحدث فيها نوعًا من الفعل من جهة ثانية. انه كثيرًا ما يواجه ظروفه بنجاح ويتكيف معها تكيفًا مناسبًا، وكثيرًا ما يفشل في مواجهتها بما يلزم، وقد يطول فشله، وقد يصبح تكيفه معها غير مناسب وغير مرض.
تعريف الشخصية
يظهر الشخص ناميًا متطورًا، من جهة، ويظهر من جهة أخرى، ثابتًا نوعًا من الثبات في مواقفه واتجاهاته. يبدو متفرّدًا متميزًا عن غيره، من جهة، ومشابهاً غيره، من جهة أخرى. وهو كلٌ موحٌد، أو وحدة متكاملة، من طرف، ولكنه يُرى ويبحث في عدد من الجوانب والجهات المتمايزة من طرف آخر فكيف نعرّف هذا التركيب الذي يبدو من خلال هذه الزوايا المتعددة؟ تعريف الشخصية من حيث المعنى اللغوي للكلمة: الشخص، في اللغة العربية، هو ( سواد الآنسان وغيره يظهر من بعد أما ( الشخصية ) فكلمة حديثه الاستعمال لا يجدها الباحث في أمهات معاجم اللغة العربية، فإذا وجدت في بعض الحديث منها فهي تعني صفات تميز الشخص من غيره وكان استعمالها قائمًا على معنى الشخص أي على معنى كل ما في الفرد مما يؤلف شخصه الظاهر الذي يرى من بعد، وعلى مفهوم التفاوت. أما في اللغتين الآنكليزية والفرنسية ( personality)
فكلمة الشخصية فكلمة الشخصية مشتقة من الأصل اللاتيني (persona) وتعني هذه الكلمة القناع الذي كان يلبسه الممثل في العصور القديمة حين كان يقوم بتمثيل دور، أو حين كان يريد الظهور بمظهر معين أمام الناس فيما يتعلق بما يريد أن يقوله أو يفعله. وقد أصبحت الكلمة، على هذا الأساس، تدل على المظهر الذي يظهر فيه الشخص .
الثبات و تغيير الشخصية
تجتمع في الشخصية خاصيتان أساسيتان، تظهر الأولى على شكل ثبات في الشخصية، وتظهر الثانية في التغير والتطور اللذين ينالاﻧﻬا خلال تاريخ حياتها. فكيف نفهم هاتين الخاصيتين المتلازمتين، وما هي النتائج التي تترتب على وجودهما.
ثبات الشخصية: يتألف من:
1- الثبات في الأعمال: يظهر هذا النوع من الثبات في اتجاهاتنا المختلفة التي يعكسها سلوكنا في أشكاله المختلفة، وبخاصة ما كان منها متص ً لا بطريقة تعاملنا مع الآخرين واحترامهم والتصرف بشؤونهم. هنا نلاحظ كيف يظهر أحدنا متجهًا نحو اللف والدوران في التعامل مع الآخرين، كما يظهر الآخر معتمدًا في أعماله قواعد من نوع احترام مصلحة الآخرين، وحقوقهم والشعور تجاه الكلمة والحركة.
2- الثبات في الأسلوب: هنالك نوع آخر من الثبات في الشخصية يمكن أن يسمى الأسلوب أو التعبير، ونعني به ما يظهر عليه أي عمل مقصود نقوم به . فالطريقة التي تتبع في الإمساك بلفافة التبغ وتدخينها يمكن أن تكون مثا ً لا واضحًا لما هو مقصود هنا من الأسلوب أو التعبير، وكذلك الأمر في طريقة إمساكنا بالقلم حين الكتابة . وقد كان من بين الدراسات الواسعة لهذه الظاهرة تلك التي قام بها اولبورت وفرنون وكان موضوع دراستهما الحركات التعبيرية وقد لاحظ أن عددًا من الحركات التعبيرية يميل إلى البقاء مع بعضها وإلى الثبات لدى الفرد حين يمر بمناسبات مختلفة.
3- الثبات في البناء الداخلي: إن أقوى ما يظهر عليه الثبات هو الثبات في البناء الداخلي، ونعني بذلك الأسس العميقة التي تقوم عليها الشخصية ومن هنا نفهم تعريف باودن للشخصية حين يقول أنها تلك الميول الثابتة عند الفرد التي تنظم عملية التكيف بينه وبين بيئته .
4- الثبات في الشعور الداخلي: لقد نوقش الثبات من حيث شعور الفرد داخليًا باستمرار وحدة شخصيته . واخذ الثبات ضمن النقاش اكثر من اسم فقد أطلق عليه أحيانًا اسم هوية الشخص، كما أطلق عليه أحيانًا أخرى اسم وحدة الشخصية وهو إنما يظهر بالواقع في شعور الفرد داخليًا وعبر حياته باستمرار وحدة شخصيته وهويتها وثباتها ضمن الظروف المتعددة التي تمر بها ، كما يظهر بوضوح في وحدة الخبرة التي يمر بها في الحاضر واستمرار اتصالها مع الخبرة الماضية التي كان يمر بها .
تغير الشخصية :
إن الثبات الذي كنا نتحدث عنه ليس في الواقع إلا ثباتًا نسبيًا. وهو بهذا المعنى بعيد عن أن يكون سكونًا أو استمرارًا أبديًا في وضع واحد إن صفات الحركة والنمو والتغير والانطلاق التي تعبر عن ديناميكية الشخصية صفات أساسية لها فالشخص يمر خلال طفولته بأشكال مختلفة من النمو في نواح متعددة من بنائه، وهو يتغير ويتطور خلال هذا النمو، أنه ينمو من حيث معارفه، ومن حيث قدراته ونوعيتها ومستواها، وينمو في أشكال خبرته ومواقفه من المؤثرات التي تحيط به انه يتفاعل بشكل مستمر مع ما يحيط به ، ويترك هذا التفاعل آثاره في مكونات شخصه إن صفة
التغير أساسية عنده . وحين يصل إلى مرحلة الرشد التي نستطيع أن نقول عنها أن مظهر الثبات قد اصبح الغالب فيها ، فإن التطور في الشخص يبقى مع ذلك مستمرًا وإلا لما أمكن فهم ما يصيب الفرد واﻟﻤﺠتمع من تطور وتقدم، وما يصيب الشخصية الشاذة من تعديل بتأثير العلاج إن هذا التغير في الشخصية ملاصق لثباتها النسبي وغير متعارض معه وكأننا في الواقع أمام طريق واسعة تكون العراقيل والخبرات فيها كثيرة ومتنوعة، وهي تؤثر في عابرالسبيل ولكن السبيل في اتساع فيه نوع من الوحدة والديمومة .
مكونات الشخصية
يرى بعض العلماء أن الشخصية في الأعماق بناء ثلاثي التكوين، وأن كل جانب في هذا التكوين يتمتع بصفات وميزات خاصة، وأن الجوانب الثلاثة تؤلف في النهاية وحدة متفاعلة ومتماسكة هي الشخصية، هذه الجهات أو الجوانب الثلاثة هي : الهو ، الأنا و الأنا الأعلى .
( الهو ) : فذلك القسم الأولي المبكر الذي يضم كل ما يحمله الطفل معه منذ الولادة من الأجيال السابقة وانه يحمل ما يسميه فرويد الغرائز ومن بينها غرائز اللذة والحياة والموت . وهو يعمل تحت سيطرة ما يضمه منها . وما هو موجود فيه لا يخضع إذن لمبدأ الواقع أو مبادئ العلاقات المنطقية للأشياء بل يندفع بمبدأ اللذة الابتدائي، وكثيرًا ما ينطوي على دوافع متضاربة . انه لا شعوري وهو يمثل الطبيعة الابتدائية والحيوانية في الإنسان.
( الأنا ) : فينشأ ويتطور لأن الطفل لا يستطيع أن يشبع دوافع الهو بالطريقة الابتدائية التي تخصها، ويكون عليه أن يواجه العالم الخارجي وان يكتسب من بعض الصفات والمميزات وإذا كان الهو يعمل تبعًا لمبادئه الابتدائية الذاتية، فإن الأنا يستطيع أن يميز بين حقيقة داخلية وحقيقة واقعية خارجية. فالأنا من هذه الناحية يخضع لمبدأ الواقع، ويفكر تفكيرًا واقعيًا موضوعيًا ومعقولاً لا يسعى فيه إلى أن يكون متمشيًا مع الأوضاع الاجتماعية المقبولة . هكذا يقوم الأنا بعملين أساسين في نفس الوقت: أحدهما أن يحمي الشخصية من الأخطار التي ﺗﻬددها في العالم الخارجي، والثاني أن يوفر نشر التوتر الداخلي واستخدامه في سبيل إشباع الغرائز التي يحملها الهو وفي سبيل تحقيق الغرض الأول يكون على الأنا أن يسيطر على الغرائز ويضبطها لأن
إشباعها بالطريقة الابتدائية المرتبطة معها يمكن أن يؤدي إلى خطر على الشخص . فالاعتداء على الآخرين بتأثير التوتر الناشئ عن الغضب يمكن أن يؤديإلى ردّ الآخرين ردًا يمكن أن يكون خطرًا على حياة المعتدي نفسه وهكذا يقرر الأنا متى و أين و كيف يمكن لدافع ما أن يحقق غرضه أي أن على الأنا أن يحتفظ بالتوتر حتى يجد الموضوع المناسب لنشره . وهكذا يعمل الأنا طبقًا لمبدأ الواقع مخضعًا مبدأ اللذة لحكمه مؤقتًا.
( الأنا الأعلى ) : هنا نجد أنفسنا أمام حاضن للقيم والمثل الاجتماعية والدينية التي ربى الطفل عليها في بيته ومدرسته ومجتمعه. فالأنا الأعلى يمثل الضمير المحاسب، وهو يتجه نحو الكمال بدلاً من اللذة، ولهذا الأنا الأعلى مظهران، الضمير والأنا المثالي . يمثل الأول الحاكم بينما يمثل الثاني القيم . فإذا أردنا تلخيص هذا البناء الثلاثي الداخلي للشخصية كما يراه بعض العلماء قلنا ما يلي : إن الأنا هو الذي يوجه وينظم عمليات تكيف الشخصية مع البيئة، كما ينظم ويضبط الدوافع التي تدفع بالشخص إلى العمل، ويسعى جاهدًا إلى الوصول بالشخصية إلى الأهداف المرسومة التي يقبلها الواقع، والمبدأ في كل ذلك هو الواقع. إلا أنه مقيد في هذه العمليات بما ينطوي عليه الهو من حاجات، وما يصدر عن الأنا الأعلى من أوامر ونواهي وتوجيهات فإذا عجز عن تأدية مهمته والتوفيق بين ما يتطلبه العالم الخارجي وما يتطلبه الهو و الأنا الأعلى كان في حالة من الصراع يحدث أحيانًا أن يقوده إلى الاضطرابات النفسية . نظرية السمات في الشخصية يميل الاتجاه الموضوعي في بحث الشخصية يمكن كشفها ووضعها وإخضاعها للقياس في واحد أو اكثر من السمات وقياسها إلى النظر إليها على أنها تركيب يضم مجموعة من السمات أشكاله المتعددة. ولنبحث أولاً مفهوم السمة. كيف نفهم السمة يمرّ الشخص بظروف متنوعة الشروط خلال حياته اليومية ويواجهها بأشكال من السلوك فإذا جعلنا هذا الشخص موضوع ملاحظة تبين لنا من سلوكه انه ينقل خبرات لديه من ميدان أو إطار سابق إلى آخر، وأن ثمة صفات يتكرر
ظهورها في أشكال من سلوكه.
لكل فرد شخصيته المتميزة، ولكنه في الوقت نفسه مشترك مع الآخرين في الكثير من مظاهر تلك الشخصية إن في الشخصية نوعًا من الثبات يبدو في أساليبها واتجاهاتها وشعورها باستمرار هويتها، ولكن فيها كذلك نوعًا من التغير وإلا لما كان من الممكن فهم النمو والتربية ومن هنا يكون أمر إحاطة الشخصية بتعريف شامل أمرًا صعبًا قد يتجه التعريف نحو تميزها عن غيرها وقد يتجه نحو ائتلاف الصفات التي تكونها وتنطوي عليها، وقد يذهب إلى ما يبدو في سماتها أو إجراءاتها ومن هنا نصادف عددًا غير قليل من أشكال تعريف الشخصية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق