..

كيف تتشكل الأحلام

تجمع أحلامنا مثيرات لفظية و بصرية و عاطفية لتشكل قصة متقطعة ليس لها معنى و غالباً ما تكون مسلية ، و نستطيع في بعض الأحيان حل المشكلات أثناء نومنا . ويختلف الخبراء حول ماهية الأحلام فهل هي نبضات دماغية عشوائية أم هل تعمل أدمغتنا أثناء نومنا من خلال أمور و أحداث من حياتنا اليومية كطريقة للتغلب على المشكلات و المصاعب ؟ و هل علينا إجهاد أنفسنا بتفسير الأحلام ؟ كثيرون يجيبون بنعم لأننا نتعلم الكثير من أحلامنا .
سنتناول في هذا الموضوع النظريات الأساسية للأحلام بدءاً من فرويد و حتى وقتنا هذا . و سنكتشف ما يقوله العلماء حول ما يجري في أدمغتنا عندما نحلم و ما هو السبب في عدم تذكرنا لأحلامنا . إضافة إلى تفسيرات خبراء الأحلام لبعض الأحلام الشائعة .
الأحلام : الإنقسام النظري 
منذ قرون يحاول الإنسان معرفة لماذا تقوم الأدمغة بهذه العروض الليلية و ما زال الباحثون مستمرين في طرح نظريات حول الأحلام و تصنف هذه النظريات ضمن فئتين :
•فكرة أن الأحلام هي مجرد محفزات فيزيولوجية ( تتعلق بوظائف الأعضاء ) .
•فكرة أن الأحلام ضرورية لصحة النفسية .
تعتمد النظريات الفيزيولوجية على فكرة أننا نحلم من أجل تدريب إرتباطنا عصبية مختلفة من المعتقد أنها تؤثر في أنواع محددة من مهارات التعلم .
أما النظريات النفسية فتتبنى فكرة أن الأحلام تسمح لنا بالتكيف مع المشكلات و الأحداث التي نواجهها أثناء النهار إضافة إلى الأمور التي تأخذ حيزاً كبيراً من إهتمامنا ، و هناك من يعتقد أن الأحلام قد تكون ملهمة أو تنبأ بالمستقبل . و يشير معظم الباحثين و العلماء إلى أنها مزيج من هذين النوعين من النظريات
نظريات الأحلام 
كان سيجموند فرويد أول من وضع نظرية للأحلام و كان ضمن المعسكر الفيزيولوجي ، و ترتكز نظرياته إلى فكرة الرغبات المكبوتة التي لا نستطيع التعبير عنها ضمن المحيط الإجتماعي حيث تسمح الأحلام للعقل بإظهار هذه الأفكار و الرغبات ، يؤكد في نظريته على رمزية الأحلام ، أما كارل يونغ وهو أحد تلامذة فرويد فقد طور أفكاره الخاصة التي إختلفت عن أفكار إستاذه ، و هو يوافقه في فكرة الأصل الفيزيولوجي للأحلام و لكنه بدلاً من القول إن الأحلام تنشأ من حاجاتنا الأساسية و رغباتنا المكبوتة كان يعتقد أن الأحلام تسمح لنا بتطوير أنفسنا أثناء اليقظة و تساعدنا على حل مشكلاتنا أو التفكير بأمورنا .
و في عام 1973 قام باحثان و هما ( آلان هويسون ) و ( روبرت ماكارلي ) بوضع نظرية أخرى إبتعدت عن الأفكار القديمة في تحليل النفسي ، و قد أظهرت الأبحاث التي قاما بها حول ما يجري في الدماغ أثناء النوم أن الأحلام هي ببساطة نتيجة نبضات كهربائية عشوائية في الدماغ تستقطب صوراً من آثار الخبرات المخزنة في الذاكرة و قالوا إن هذه الصور لا تشكل قصصا نستطيع تذكرها إنما تحاول أذهاننا الواعية أثناء اليقظة البحث عن المعنى لتلك الصور و إختلاق قصص دون أن تدرك أنها تفعل ذلك ، و السبب هو أن الدماغ يريد أن يجد معنى لما أختبره أثناء النوم ، وفي حين أحدثت هذه النظرية صدعاً كبيراً في مجال أبحاث الأحلام إلا أنها إستطاعت الإستمرار و إثبات ذاتها و ما زالت إحدى أبرز النظريات حول الأحلام .
رؤية الأحلام و الدماغ 
عندما ننام نمر بخمس مراحل : المرحلة الأولى هو النوم الخفيف جداً نستيقظ منه بسهولة كبيرة ، و المرحلة الثانية هي النوم الأكثر عمقاً بقليل أما المرحلتان الثالثة و الرابعة فتمثلان أعمق مرحلتين من النوم ، وفي هاتين المرحلتين يتباطأ نشاط الدماغ بالتدريج حيث تكون موجات الدماغ في أبطأ حالاتها
( موجات دلتا ) أثناء النوم العميق ، و بعد نحو تسعين دقيقة من النوم و بعد المرحلة الرابعة نبدأ بالمرحلة التي تترافق مع الحركة السريعة للعينين ( rem  ) rapid eye movement و هي المرحلة الخامسة ، و فيها تحدث عدة تغيرات فيزيولوجية حيث تتسارع ضربات القلب و التنفس و يرتفع ضغط الدم كما يتزايد نشاط دماغنا إلى مستوى موجات ألفا و هو المستوى نفسه عندما نكون في حالة يقظة أو ربما إلى مستوى أعلى ، أما بقية الجسم فيكون مشلولاً حتى تنتهي هذه المرحلة الخامسة ، و بما أن مرحلة rem  هي المرحلة التي تتشكل فيها معظم أحلامنا فإن هذا الشلل يمثل آلية حماية طبيعية لضمان عدم تنفيذ أحلامنا ، و لو لم يكن الأمر كذلك فإنك إن كنت تنام إلى جانب شخص يرى في حلمه أمه يلعب كرة القدم فقد يركلك أثناء نومه . و رغم أن الأبحاث بينت أن معظم الأحلام تحدث في المرحلة الخامسة فإن الأنسان يمكن أن يحلم في أية مرحلة من مراحل النوم إلا أن هذه الأحلام لا تكون بالتركيز الذي تكون عليه في المرحلة الخامسة ، و لكن يمكن للحالم أن يتكلم أو يمشي أو يتحرك أثناء حلمه فالجسم لا يكون مشلولاً . و خلال ليلة واحدة نمر في هذه المراحل الخمس عدة مرات إلا أنه في كل دورة تالية تكون المرحلة الخامسة أطول و المرحلتان الثالثة و الرابعة أقصر ، و عند الصباح تكون دورة النوم لدى معظم الناس من مرحلتين و هما الأولى و الخامسة .
الأحلام و مرحلة النوم المترافقة مع الحركة السريعة للعينين ( rem  )
ماذا يحدث إذا لم نمر بالمرحلة الخامسة أثناء النوم ؟ كان الباحثون يعتقدون أنه إذا لم يمر النائم بمرحلة rem  فهذا يعني أنه لم يحلم ، و وضعوا نظرية بأن الأحلام هي نوع من صمام الأمان يساعد الدماغ على تنفيس عما لم يستطيع الإنسان التعبير عنه أثناء اليقظة ، و قد أجريت دراسة كان يتم فيها أيقاظ من تجري عليهم التجارب كلما دخلوا في المرحلة الخامسة من النوم و كانت النتيجة إصابتهم ببعض الإضطرابات النفسية مثل القلق و التوتر إضافة إلى صعوبة في التركيز كما ازدادت شهيتهم للطعام ، و في حين دعمت بعض الدراسات الأخرى هذه النظرية إلا أن دراسات عديدة إخرى لا تؤيدها . أما أحدث الأفكار المرتبطة بمرحلة rem  فلها بالتعلم ، و يحاول الباحثون تحديد آثار مرحلة rem  على تعلم أنواع محددة من المهارات التي غالباً ما تكون مهارات بدنية ، و تبدو هذه العلاقة القوية في بعض جوانبها و تبرير ذلك أن الرضع و الأطفال الصغار يمرون بمرحلة الخامسة أكثر بكثير من الكبار و تتطور لديهم المهارات الجسدية بشكل سريع .
تذكر الأحلام
يقال بأنه بعد خمس دقائق من نهاية الحلم ننسى 50% مما فيه ، و بعد شعر دقائق نكون قد نسينا 90% منه ، لماذا يحدث هذا ؟
النظريات :
يقول فرويد في نظريته إننا ننسى أحلامنا لأنها تتضمن أفكارنا و رغباتنا المكبوتة لذلك لا نرغب في تذكرها و يشير باحثون آخرون إلى سبب بسيط آخر و هو إنشغالنا بأمور حياتية أخرى أكثر أهمية ، و يعتقد سترامبيل و هو باحث عاصر فرويد أن هناك عدة أمور تساهم في عدم تذكرنا للأحلام منها أننا سرعان ما ننسى كثيراً من الأمور عندما نستيقظ مثل الأحاسيس الجسدية التي إختبرناها أثناء الحلم كما أن كثيراً من الصور في الأحلام ليست واضحة بشكل كاف لذلك يسهل نسيانها ، أما أقوى هذه النظريات فتقول إننا نتعلم و نتذكر عادة من خلال الربط بين الأشياء و التكرار و بما أن الأحلام غالباً ما تكون فريدة من نوعها بحيث يصعب ربطها بتجاربنا و غير واضحة فمن المنطقي أن يكون تذكرها صعباً ، فعلى سبيل المثال إذا ما ذكر أحد أمامك جملة لا ترتبط بأي من تجاربك السابقة فإنك تطلب منه تكرارها لتتذكرها أو حتى لتفهمها ، و بما أننا لا نستطيع العودة إلى أحلامنا لنختربها مرة أخرى فإن التفاصيل التي ليس لها علاقة بواقع خبراتنا تغيب عن ذاكرتنا .
ماذا تعني أحلامنا
كان الناس على مدى عقود من الزمن ينظرون إلى أحلامهم على أنها تكهنات و إنعكاسات لما يجري داخل نفوسهم ، و يعتقد كثيرون أن الأحلام مليئة بالرسائل الرمزية التي قد لا تكون واضحة لنا في ظاهرها إلا أننا إذا تعمقنا فيها و فكرنا فيما يحدث في حياتنا فإننا نستطيع إستخلاص تفسيرات لها معنى .
أكثر موضوعات الأحلام شيوعا و كيف يفسرها خبراء الأحلام
* العري في مكان عام :
   معظمنا رأى مرة في منامه أمه في المدرسة أو مكان العمل أو في مناسبة إجتماعية و أدرك فجأة أنه
   نسي إرتداء ملابسه و هذا يعني حسب الخبراء :
•أننا نحاول أن نخفي شيئاً
•لسنا مستعدين لأمر مهم مثل إمتحان أو إختبار
إذا كنت عارياً و لم يلاحظ أحد ذلك فالتفسير هو أن ما يخيفك ليس له أساس و إذا لم تكن مبالياً بأنك عار فالتفسير هو أنك مرتاح لما أنت عليه .
* السقوط :
   تحلم بأنك تسقط و تهوي ثم تستيقظ ، هذا أيضاً حلم شائع جداً و يقال إنه يرمز إلى الشعور بالقلق
   و عدم الأمان فهناك شيء في حياتك خارج تماماً عن نطاق سيطرتك و لا تستطيع فعل شيء تجاهه
   أو بالأحرى أنه لديك إحساس بالفشل في شيء ما فربما تكون مقصرأً في المدرسة أو في العمل و تخاف
   أن تفصل أو تطرد و تشعر أنك لا تستطيع التحكم بالموقف .
* هناك من يطاردك :
   إن حلم المطاردة الذي يشاهده كثير من الناس يمكن أن يكون مخيفاً فعلاً ، و ما يرمز إليه هو أنك
   تهرب من مشكلاتك ، أما تحديد تلك المشكلة فيعتمد على من يلاحقك فقد تكون مشكلة في مكان عملك
   ربما تكون خصلة تتعلق بشخصيتك و تعلم أنها هدامة ، فربما تكون لديك مشكلة إدمان على شيء مضر
  1.    و الحلم يخبرك بأن هذا الإدمان أصبح مشكلة حقيقية .
  2. * أنت تجري إمتحاناً ( أو تنسى أن لديك إمتحان ) :
  3.    هذا حلم شائع آخر ، فأنت تدرك فجأة أن لديك إمتحان في آخر لحظة و ربما ترى نفسك تجري في
  4.    الممرات و لا تجد الغرفة التي ستقدم فيها الإمتحان ، قد يأتي هذا الحلم في عدة أشكال لها معان
    مشابهة فربما أن قلمك لا يكتب لذلك لا تساطيع إنهاء إجابتك ، و هذا قد يعني أنك تشعر بأن هناك من
   يراقبك و أنت غير مستعد لإجتياز الإختبار ، أو ربما تواجه تحدياً ترى أنك لا تستطيع مواجهته ، كما
   يمكن أن يعني أن هناك شيئاً أهملته كان عليك الإهتمام به .
* أنت تطير :
   و هذا يعني بأنك تسيطر على الأمور التي تهمك أو ربما استطعت إكتساب منظور جديد لأشياء ، كما
   يمكن أن يعني أنك قوي و لديك إرادة قوية و تشعر بأنه لا يمكن لأحد أو لشيء أن يهزمك ، و إذا
   واجهت في الحلم مشكلة في البقاء محلقاً فربما هناك شخص أو شيء يقف في طريقك ، و إذا كنت
   خائفأً أثناء الطيران فلديك تحديات تشعر بأنك غير قادر على مواجهتها .
* أنت تجري و تجري دون أن تصل إلى أي مكان :
يمكن أن يكون مثل هذا الحلم جزءاً من حلم المطاردة فأنت تحاول الجري و لكن قدماك لا تتحركان أو أنك لا تصل لأي مكان ، و يعتقد البعض أن هذا الحلم يعني أن لديك أكثر مما تستطيع القيام به فأنت تحاول القيام بكثير من الأمور في وقت واحد و لا تستطيع إنجازها .
* سقوط الأسنان :
  يرى كثير من الناس في أحلامهم أن جميع أسنانهم تسقط ، و ربما يشعر النائم بشيء غريب في فمه و
  و من ثم يبصق سنا من أسنانه و في النهاية يفقد جميع أسنانه بهذه الطريقة ، و حسب البعض فإن
  أسناننا لها علاقة بإحساسنا بالقوة و إمكانيتنا في التواصل مع الآخرين ، وفقدان أسناننا يشعرنا بالحرج
  من مظهرنا الذي يعيق تواصلنا كما أنه يقلل من قوتنا لأننا لا نعبر عما نفكر فيه  ، و يمكن أن يرتبط
  هذا الحلم بإحساسنا بمظهرنا .
* الكوابيس :
   أما الكوابيس فهي أحلام مزعجة إلى حد أنها توقظنا من نومنا ( على الأقل بشكل جزئي ) و يمكن أن
   تتشكل الكوابيس في جميع الأعمار و لكنها تحدث عند الأطفال بتكرار أكثر ، و تسبب و الكوابيس عادة
   أحاسيساً قوية من الخوف أو الحزن أو القلق و تتنوع أسبابها ، و هناك بعض الأدوية التي تسبب
   الكوابيس كما ان توقف المفاجيء عن تناول بعض الأدوية يتسبب أحياناً في الكوابيس ، و تعد الأحداث
   المؤذية أو التي تسبب الصدمة من أهم المسببات و هناك طرق نفسية فعالة لمعالجة من يعانون من
   الكوابيس المتكررة .
الإحساس المسبق للأحداث قبل و قوعها 
قام ستيفن لابيرغ ( باحث بارز في هذا النوع من الأحلام التي تنبأ بالأحداث قبل وقوعها ) بدراسة 51 حالة من الذين يدعون أنهم رأوا أحلاماً من هذا النوع و إستطاع إثبات 37 حالة تحققت فيها الأحلام فعلاً و ما زالت الأبحاث مستمرة حول هذا النوع من الأحلام الغريب و لم يستطيعوا أن يصلوا إلى نتيجة ما في هذا المجال . و من المواقف هذه الظاهرة هي عندما روى سيجموند فرويد بأن إمرأة أتت إليه و قالت له أنها شاهدت في حلمها بأن أخوها في الأسطبل و هو يوجه المسدس نحو رأسه و يدس على الزناد و يسطق ميتاً و قالت إنها عندما إستيقظت أيقظت زوجها و ذهبوا إلى بيت أخيها و وجوده ميتاً في نفس المكان الذي شاهدته بحلمها .

0 التعليقات:

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More