نبي الله صالح عليه السلام
بقى المؤمنين فترة من الزمن وانتشر الشرك مرة اخرى في الارض هنا في شمال غرب الجزيرة العربية وتحديدا في منطقة الحجر التي تقع بين الحجاز والشام تبوك وتسمى الان بمدائن صالح ..................
كانت تعيش قبيلة مشهورة تسمى ثمود..........لا تزال حتى الان موجودة مساكنهم واماكنهم،فبعد مملكة عاد جاءت مملكة ثمود .وتسمى هكذا نسبة الى ثمود بن عابر بن ارم بن سام بن نوح .
ويرجع اصل هذه القبيلة الى سام ابن نوح..........وكانت لهم حضارة عمرانية واضحة المعالم ،فقد نحتوا الجبال واتخذوها بيوتا ،يسكنون فيها في الشتاء لتحميهم من الامطار والعواصف التي تاتي اليهم من حين الى اخر واتخذوا من السهول قصورا يقيمون فيها في الصيف.
( وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ.....) الشعراء149
وانعم الله-عز وجل - عليهم بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى ،فاعطاهم الارض الخصبة ، والماء العذب الغزير والحدائق والنخيل، والزروع والثمار، ولكنهم قابلوا النعمة بالجحود والنكران اسبغ الله عليهم من نعمه الكثيرة كما اسبغ على قبيلة عاد من قبلهم .ولكنهم لم يكونوا احسن حالا من اسلافهم ولم يتعظوا بما حل بعاد .ولم يشكروا الله بعبادته واتباع نبيه وتصديقه .كفروا بالله سبحانه ولم يشكروه على نعمه ،وتكبروا في الارض ،وعبدوا الاصنام،وجعلوها شريكة لله،وقدموا اليها القرابين ،وذبحوا لها الذبائح ،واخذوا يدعونها،فاراد الله هدايتهم، فارسل اليهم نبيا منهم ،هوصالح .......عليه السلام وهو صالح بن عبيد بن آسف بن شامخ بن حاذر بن ثمود .
بعث الله تبارك وتعالى نبيه صالحا وكان رجلا تقيا كريما محبوبا لديهم ومن اشرفهم نسبا واصفاهم عقلا واوسعهم حلما .فدعاهم الى عبادة الله وحده وحضهم على توحيده وعبادته .وترك ما هم فيه من عبادة الاصنام لانها لا تملك لهم ضرا ولا نفعا ولا تغني عنهم من الله شيئا.
( وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ .......) هود61
قال تعالى في كتابه العزيز:
( إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ.إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ.فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ.وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ....) الشعراء142...145
( استغفروه وتوبوا اليه ان ربي قربيا مجيب ، فرفض قومه ذلك،وقالوا له .....فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ....) .القمر24........( قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ......) الشعراء..153
( .أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ......) القمر25.......
يا صالح قد كنت بيننا رجلا فاضلا كريما محبوبا نستشيرك في جميع امورنا لعلمك وعقلك وصدقك ،فماذا حدث لك؟ وقال رجل من القوم :يا صالح ما الذي دعاك لان تامرنا ان نترك ديننا الذي وجدنا عليه اباءنا واجدادنا ،ونتبع دينا جديدا ! وقال اخر يا صالح قد خاب رجاؤنا فيك ، وصرت في راينا رجلا مختل التفكير.
( قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا ۖ أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ.....) هود62
بعد دعوة صالح عليه السلام لقومه كان جوابهم ما أخبرنا الله تعالى في كتابه:سورة هود، أي إننا عهدناك ثاقب الفكر والرأي وها أنت الآن تدعونا إلى ترك ما كان عليه ءاباؤنا، وقيل: إن المعنى إنا كنا نرجو أن يكون عقلك كاملاً قبل هذه المقالة أتنهانا عن عبادةٍ كان عليها ءاباؤنا؟ وقد درجنا عليها ونشأنا مُستمسكين بها وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب ولا نطمئن إلى قولك ولا نثق بصدق دعوتك ولن نترك ما وجدنا عليه ءاباءنا، وعندما سمع سيدنا صالح عليه السلام ما أجابه به قومه من تكبر عن اتباع الحق ومن إصرار على كفرهم قال لهم ما أخبرنا الله تعالى:
( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ ۖ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ........) هود63
وهذا تلطف منه عليه السلام لقومه في العبارة ولين جانب وأسلوب حسن في الدعوة لهم إلى الخير والإيمان، والمعنى أي فما ظنكم إن كان الأمر كما أقول لكم وأدعوكم إليه؟ وما هو عذركم عند الله؟ وقد بلغتكم ما أمرني به ربي أن أبلغكم فماذا يُخلصكم من عذابه وأنتم تطلبون مني أن أترك دعوتكم إلى عبادته، ودعوتكم إلى الإيمان والإسلام واجب علي لو تركته لما قدر أحد منكم ولا من غيركم أن يجيرني من عذاب الله بسبب معصيته على ترك التبليغ. وأخبرهم عليه السلام أنه سيبقى على دعوته لهم إلى الإيمان والإسلام وعبادة الله وحده وترك عبادة الاصنام حتى يحكم الله تعالى بينه وبينهم، لكنهم قابلوه بالإيذاء.
ومما ءاذت به ثمود صالحًا عليه السلام حين دعاهم للإيمان به وبما جاء به أنهم اتهموه بأنه مسحور كما أخبر الله تعالى: {قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ}سورة الشعراء
أي أنت من المسحورين أي أنك مسحور لا تدري ما تقول في دعائك إيانا إلى إفراد العبادة لله تبارك وتعالى وحده، وهذا غاية في تكبرهم عن اتباع الحق واتباع دعوة نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام. قال الله تعالى:{كذَّبت ثمودُ بالنُّذُرِ* فقالوا أبَشرًا مِنَّا واحدًا نتَّبعُهُ إنَّا إذًا لفي ضلالٍ وسُعُرٍ* أءُلقيَ الذِّكرُ عليهِ من بيننا بلْ هُوَ كَذَّابٌ أشِرٌ* سيعلمونَ غدًا مَنِ الكَذَّابُ الأشِرُ}سورة القمر.
كل هذه الاتهامات وجهت لنبي الله صالح فلم يقابل اساءتهم له باساءة مثلها ، ولم ييأس ،رغم استهزائهم به وعدم استجابتهم له ،بل ظل يتمسك بدين الله رغم كلامهم ،ويدعوهم الى عبادة الله الواحد الاحد.....ويذكرهم بما حدث للامم التي قبلهم وما حل بهم من العذاب بسبب كفرهم وعنادهم ، فقال لهم ..وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِين....الاعراف 74
ثم اخذ صالح يذكرهم بنعم الله عليهم ،فقال لهم : أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ.فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ.
وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ....الشعراء...146..148
ثم اراد ان يبين لهم الطريق الصحيح لعبادة الله، وانهم لو استغفروا الله وتابوا اليه فان الله سيقبل توبتهم فقال:"يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره هو انشأكم من الارض واستعمركم فيهافاستغفروه ثم توبوا اليه ان ربي قريب مجيب .........
فآمنت به طائفة من الفقراء والمساكين ،وكفرت طائفة الاغنياء ،واستكبروا وكذبوه وقالوا:"أبشرا منا واحدا نتبعه انا اذا لفي ضلال وسعر.اؤلقى الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر"
وحاولت الفئة الكافرة ذات يوم ان تصرف الذين آمنوا بصالح عن دينهم وتجعلهم يشكون في رسالته فقالوا لهم(.قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ ۚ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ .......الاعراف75 ........اى هل تاكدتم انه رسول من عند الله؟ فاعلنت الفئة المؤمنة تمسكهابما انزل على صالح وبما جاء به من ربه,وقالوا : (انا بما ارسل به مؤمنون) فاصرت الفئة الكافرة على ضلالها وقالوا معلنين كفرهم وضلالهم (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ........الاعراف 76 ولما راى صالح عليه السلام ...اصرارهم على الضلال والكفرقال لهم :(يا قوم ارايتم ان كنت على بينة من ربي واتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله ان عصيته فما تزيدونني غير تخسير .......هود.....الا تظنون ان كنت على صدق وحق واكرمني الله باليقين المنهج والنبوة والرسالةوجئت بالدين الصحيح وان رضيت حكمكم فمن ينجني من عذاب الله قالوا انما انت من المسحرين اي مسحور
وكان صالح عليه السلام يخاطب قومه باخلاق الداعي الكريمة وادابه الرفيعة ويدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة تارة ويجادلهم تارة اخرى في موضع الجدال مؤكداعلى ان عبادة الله هي الحق والطريق المستقيم .ولكن قومه تمادوا في كفرهم واخذوا يدبرون له المكائد والحيل حتى لا يؤمن به احد من الناس.
وذات يوم كان صالح عليه السلام يدعوهم الى عبادة الله ويبين لهم نعم الله الكثيرة وانه يجب شكرهوحمده عليها فقالوا له يا صالح ما انت الا بشر مثلنا واذا كنت تدعي انك رسول الله فلابد ان تاتينا بمعجزة واية ..............مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.........الشعراء154.استمر سيدنا صالح عليه الصلاة والسلام يدعو قومه إلى الإيمان، واستمر قومه على عنادهم وتكبرهم من اتباع الحق، ولما وجدوا منه استمساكًا برأيه وإصرارًا على دعوته إياهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام خاف المستكبرون من قومه أن يكثر أتباعه وأن ينصرفوا عنهم إليه، وفي ذلك ذهاب لسلطانهم وتفتيت لقوتهم، فأرادوا أن يظهروا للناس أنه عاجز غير صادق في دعواه وهذا من خبث نفوسهم وظلام قلوبهم عن اتباع الحق، فطلبوا منه معجزة تكون دليلاً على صدقه وقالوا له: أخرج لنا من هذه الصخرة – وأشاروا إلى صخرة كانت هناك- ناقة ومعها ولدها وصفتها كيت وكيت وذكروا لها أوصافًا، وقالوا له: إن أخرجت لنا من هذه الصخرة ناقة ومعها ابنها ءامنا بك وصدقناك، فأخذ سيدنا صالح عليه السلام عليهم عهودهم ومواثيقهم على ذلك، وقام وصلى لله تبارك وتعالى ثم دعا ربه عز وجل أن يعينه ويجيبه إلى ما طلب قومه فاستجاب الله دعوته فأخرج لهم سيدنا صالح عليه السلام بقدرة الله ناقة ومعها ولدها من الصخرة الصمّاء. فقد أمر الله هذه الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة طويلة فيها الصفات التي طلبوها ومعها ابنها، فلما رأى قومه هذا الأمر الخارق للعادة الذي فيه الدليل القاطع والبرهان الساطع على صدق سيدنا صالح عليه السلام ءامن قسم منهم ومنهم جندع بن عمرو وكان من رؤسائهم ومعه رهط من قومه، واستمر أكثرهم على كفرهم وعنادهم وضلالهم، وقد صدهم عن الإيمان دؤاب بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم وغيرهما.
وعندما أخرج لهم سيدنا صالح عليه السلام هذه الناقة مع فصيلها بقدرة الله تعالى قال لهم ما أخبرنا الله تعالى: {هذهِ ناقةُ اللهِ لكم}سورة الأعراف، أضافها عليه السلام لله تعالى إضافة تشريف وتعظيم وأخبرهم أنها لهم دليل صدق على دعوته عليه السلام. .قال تعالى
( وَيَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ........) هود 64
إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ.........) .القمر27
هذا الناقة كانت اختبار من الله لقوم ثمودهل يصبرون على طاعة الله ام لا هل يؤمنوا بهذه الاية ام لا .... فطلب منهم صالح ان يتركوا الناقة دون اذى ويتركوها تشرب من ماء البئرفاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم ترعى حيث شاءت من أرضهم، فتَرِدُ الماء يومًا بعد يوم، ويقال إنها كانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم، قال الله تعالى: {قالَ هذهِ ناقةٌ لها شِرْبٌ ولكُم شِرْبُ يومٍ معلومٍ}سورة الشعراء. فهي تشرب يوما فلا يقتربوا من الماء ويشربوا لبنها في هذا اليوم فكان يكفيهم جميعا وهم يشربون من ماء البئر اليوم الثاني .وكانت الناقة تركب الجبال اي تجلس في الجبال تنزل لتشرب وتصعد .( وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ۖ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ............) القمر
قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: قالَ هذهِ ناقةٌ لها شربٌ ولكم شربُ يومٍ معلومٍ* ولا تَمَسُّوها بسوءٍ فيأخذكم عذابُ يومٍ عظيمٍ}سورة الشعراء.
وان يروا كل اية لا يؤمنون بها ..... فمن الناس من يرى ايات الله فلا يؤمن بها .مرت الايام واستمر الحال على هذا وقتا طويلا والمستكبرون قد ملؤا حقدا بنبي الله صالح واغواهم الشيطان فزين لهم طريق الشر وتجاهلوا تحذير صالح لهم على اذى الناقة او قتلها وكان عدد الذين اجمعوا غلى قتل الناقة تسعة . قال تعالى ....وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ.النمل 48
ثم اتفقوا مع باقي القوم على تنفيذ مؤامرتهم وقد تولى القيام بهذا الامر اشقاهم واكثرهم فسادا وقيل اسمه قدار بن سالف ..
وفي الصباح تجمع قوم صالح في مكان فسيح ينتظرون مرور الناقة لتنفيذ مؤامرتهم وبعد لحظات مرت الناقة العظيمة فتقدم احدهم منها وضربهابسهم حاد اصابها في ساقها فهربت وفرت فجاءها قدار فمسكها وضربها بالسيف فنحرها.........فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر.....القمر29
يقول الله تبارك وتعالى: {كذَّبتْ ثمودُ بِطَغْواها* إذِ انبَعَثَ أشقاها* فقالَ لهُم رسولُ اللهِ ناقةَ اللهِ وسُقياها}سورة الشمس، أي احذروها ولا تتعرضوا لها ولسقياها{فكذبوهُ فعقروها فدَمْدمَ عليهم ربُّهُم بذنبهم فسوَّاها* ولا يخافُ عُقباها}سورة الشمس.
ثم ركضوا خلف جنينها وهو يهرب لراس الجبل فقبضوا عليه فحذوا راسه وقتلوه .عندما سمع الناس جاءوا هروا وهم ينظرون للناقة وهي تنزف الدم يقال انهم قطعوها واخذوا ياكلوا منها يفرحون ويضحكون هذه ناقة صالح ذبحناها ونحرناها ولم يحدث لنا شيئ.
وعلم صالح بما فعل قومه الذين اصروا على السخرية منه قال تعالى: فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ.........الاعراف 77
ويقال ان ذلك كان يوم الاربعاء .
قال لهم صالح : لكم ان تعيشوافي الارض وتتمتعوا بها ثلاثة ايام
فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ۖ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ........هود65
في اليوم الاول تصفر وجوهكم .....الخميس....في اليوم الثاني تحمر وجوهكم.......الجمعة....في اليوم الثالث تسود وجوهكم.......السبت.....الاحد هو يوم
وامس الناس يتناقلون الكلام صالح يهدد فكما قتلنا الناقة نقتل صالح فجاء التسعة اقسموا لبعضهم انهم سيقتلوه هو واهله معه بالليل واذا جاء الصباح فيقولوا انهم لم يروا ولم يعرفوا شيئ.
قال تعالى :..( قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ. وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ.......) النمل 49....50
تجمعت الفئة الكافرة من قوم صالح لقتله في الليل واقتربوا من بيته نزلت عليهم الحجارة من السماء فرضخت روءسهم جميعا دمر الله التسعة وراهم الناس ثم جاء اليوم الاول فاصفرت وجوههم كما وعد صالح واليوم الثاني احمرت الوجوه فيقولون اليوم الثاني من الاجل اما اليوم الثالث فاسودت وجوههم وهم يقولون لم يبقى شيئا من الاجل وعند المساء تكفنوا وتحنطوا وحفروا قبورهم وجلسوا ينتظرون العذاب من الله وفي اليوم الرابع الفجر جاءهم العذاب اذ بهم يسمعون صيحة من فوقهم تخلع قلوبهم من اجسادهم ورجفة من اسفلهم هزة عنيفة فزهقت ارواحهم من اجسادهم فاصبحوا ملقين على ركبهم وجباهم هامدين بلا حراك هالكين مصرعين .يقال انه لم ينجوا من العذاب الا واحد يسمى ابو رغال كان يحج في البيت الحرام فلما خرج منه سقطت عليه حجرة فمات وهو من الكفرة .ويقال ان جارية مقعدة عندما سمعت بالعذاب خرجت و هربت من دارها فنزلت في قرية قريبة منهم فاخبرتهم بما حدث لقومها فاعطوها الماء شربت ثم ماتت كان الله يريد ان يسمع الناس ما حدث لقوم ثمود .
قال تعالى ( فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ.......) .الاعراف
( فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ.فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ....).النمل51...52
( فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ....) .هود66
وهكذا اهلك الله عز وجل قوم صالح بسبب كفرهم وعنادهم وقتلهم لناقة الله والاستهزاء بنبيهم صالح عليه السلام وعدم ايمانهم به وبعد ذلك رجع صالح لقريته وقف عليه السلام ومن معه من المؤمنين ينظرون اليهم فقال صالح عليه السلام. قال تعالى ( فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ......) .الاعراف 79
كلمهم صالح وهم اموات بعد الرجفة واسمعهم كلام الله و.....
( إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) القمر31
( كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۗ أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ........) هود68
ولقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على ديار ثمود المعروفة الان ب مدائن صالح وهو ذاهب الى تبوك سنة تسع من الهجرة فامر اصحابه ان يمروا عليها خاشعين خائفين كراهة ان يصيبهم ما اصاب اهلها ...
وامرهم بعدم دخول القرية الظالمة وعدم الشرب من ماءها .....متفق عليه.
روى الإمام أحمد والحاكم بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مرّ بالحِجر قال: "لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح فكانت – أي الناقة- تَرِدُ من هذا الفجّ وتصدر من هذا الفجّ، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها، وكانت تشرب ماءهم يومًا ويشربون لبنها يومًا، فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله بها مَنْ تحت أديم السماء منهم إلا رجلاً واحدًا كان في حرم الله"، فقالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: "هو أبو رغال، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه"، ورواه أبو داود بنحوه عن ابن عمر.
ثم إن نبي الله صالحًا عليه السلام خاطبهم بعد هلاكهم قائلاً لهم: لقد جهدت في دعوتي إياكم إلى الإيمان وترك عبادة الأصنام بكل ما أمكنني، وحرصت على ذلك بكل ما أستطيع ولكنكم أبيتم نصحي وما دعوتكم إليه لأنكم لا تحبون الناصحين، وهكذا خاطب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أهل قَليب بدر الكافرين بعد ثلاث ليال، وقف عليهم وقد ركب راحلته وأمر بالرحيل من ءاخر الليل فقال: "يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقًا" رواه البخاري.
بعد هلاك ثمود الذين كذبوا نبيهم صالحًا عليه السلام، وقد أنجاه مما أرادوا وأنقذه والذين ءامنوا من كيد الكافرين، وأنزل بالكافرين في الدنيا العقاب الأليم، تصديقًا لوعده ونصرًا لنبيه، ولم يمنع الكفار ما شادوا من قصور شامخة، وما جمعوا من أموال وافرة، وما نحتوا من بيوت ءامنة، قال تعالى:{وأنجينا الذينَ ءامنوا وكانوا يتَّقونَ}سورة النمل، وقال الله تعالى:{ولقد كذَّبَ أصحابُ الحِجرِ المُرسلينَ* وءاتيناهم ءاياتنا فكانوا عنها مُعرضينَ* وكانوا ينحتون من الجبالِ بيوتًا ءامنينَ* فأخذتهم الصيحةُ مُصبحينَ* فما أغنى عنهُم ما كانوا يكسبونَ} سورة الحجر
وقال تعالى:{كأن لم يَغنوا فيها ألا إنَّ ثموداْ كفروا ربَّهُم ألا بُعْدًا لِثمودَ} سورة هود.
ويقال إن صالحًا عليه السلام انتقل إلى الشام فنزل فلسطين ثم انتقل إلى مكة فأقام بها يعبد الله حتى مات. وقد ورد في مسند أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما مر النبي بوادي عُسفان حين حج قال: "يا أبا بكر أي واد هذا"، قال: وادي عسفان، قال: "لقد مر به هود وصالح- عليهما السلام- على بكرات خطمها الليف أزرهم العباء، وأرديتهم النّمار، يلبون يحجون البيت العتيق".
وقد جاء في الصحيحين وغيرهما بالإسناد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود الحجر في غزوة تبوك استقى الناس من بئرها واعتجنوا به، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَعريقوا ما استقوا من بيارها وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة، وثبت أيضًا أنه عليه الصلاة والسلام لما مرّ بالحِجر قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم"، ثم تقنَّع بردائه وهو على الرحل"، رواه الشيخان، فإنه صلى الله عليه وسلم أسرع السير حتى أجاز الوادي. وروي أنه أراهم مُرتقى الفصيل الذي كانت تَرِد منه الناقة والفج الذي كانت تصدر منه.
قال ابن جرير: ومن أهل العلم من يزعم أن صالحًا توفي بمكة وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وأنه أقام في قومه عشرين سنة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق